مصر والجزائر ...هل نحن أمام داحس والغبراء جديدة ؟؟!!
قبيل السادسة من مساء الخميس19 / 11 فوجئ الجميع بخبر عاجل نقلا ً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية..
جاء فيه أن الخارجية المصرية استدعت السفير المصري بالجزائر للتشاور.. ويعني ذلك في السياسة أننا أمام بوادر أزمة بين البلدين.
وقبل ذلك بساعات كانت الخارجية السودانية قد استدعت السفير المصري بالخرطوم لإبلاغه استياء الخرطوم من الطريقة التي تناول بها الإعلام في مصر الجهود التي قام بها السودان لتأمين المباراة.
وقبلها تعالت أصوات تندد بقطر بسبب قناة الجزيرة وعدم بثها لما تعرض له المصريون بعد المباراة.
ثم صدر قرار مصري بعدم تعامل الإتحاد المصري لكرة القدم مع الإتحاد الإفريقي.
تعليق
بقلم/ محمد بكرى
في غابر الزمن جرت مسابقة للخيول بين قبيلتي " عبس وذبيان " نشبت بعدها حرب " داحس والغبراء " الشهيرة في تاريخ العرب التي أريقت فيها الدماء وأزهقت فيها الأنفس.
وتغنت كل قبيلة في شعرها ونثرها بأمجادها وأبطالها وما أحدثته من نكاية في غريمتها .. ولم يستفد من هذه الحرب سوى أعداء العرب
فهل يعيد التاريخ هذه الأيام النحسات؟
ونحن نتساءل بلسان الأسف والحسرة:-
ما هذا الذي يحدث ؟!.. ولمصلحة من؟!!
من هي اليد الخفية التي تؤجج صراعا ً بين بلدين عريقين كمصر والجزائر؟!
ألم تكن الجزائر في صدارة من يدافع عن مصر عند عدوان اليهود عليها ؟!
ألم تكن مصر هي الأخ الأكبر للجزائر وهي التي ساندتها بالمال والنفس حتى نالت استقلالها؟!
ولك أن تتخيل – لا قدر الله – لو تعرضت مصر اليوم لعدوان من إسرائيل.. فمن يدافع عنها ؟!
السودان المتخم بمشاكل في الجنوب ودارفور والشرق ؟.. أم ليبيا التي لا يتجاوز عدد سكانها سكان محافظة مصرية واحدة.
ونفس الموقف – لا قدر الله
في الجزائر.. هل يتردد أحد في مصر في الدفاع عن وطنه الثاني.
أليست العوامل التي تجمع الأمة اليوم أكثر من التي تفرقها ؟!
أليست جراح أمتنا اليوم تدمى قلب كل غيور ؟!
إن الأمة اليوم مستهدفة من أعدائها أكثر من أى وقت مضى.. وما يحدث الآن هو ثمرة نكدة لجهودهم الحثيثة لتخريب ذات البين .. تارة بإثارة المشاكل الداخلية بين أبناء الوطن الواحد.. وتارة بإثارة المشاكل الحدودية بين دول الجوار.
أليس المسجد الأقصى وما يتعرض له كافيا ً لجمع أمتنا على كلمة سواء ؟!
أليس ممكنا ً تشجيع كل جمهور لفريقه بعيدا ً عن هذه الغوغائية والتطاول بألفاظ نابية لا تعبر عن سلوك حضاري راق؟! .
ناهيك عن الضرب والتعدي بوسائل قذرة لا تعرف سوى في علم البلطجة ؟
لقد كانت فرنسا وأيرلندا تلعبان في نفس الوقت للتأهل أوربيا ً للمونديال أيضا ً.. ولم نر مثل هذه التصرفات.. ولم نر إثارة النعرات الشعوبية .
إن كرة القدم - كأي لعبة – لا تعرف سوى غالب واحد من الفريقين.. أو بعبارة أخرى لا مفر من فوز فريق وهزيمة آخر.. هذه هي الكرة.. وهذه هي الرياضة .. وأرض الملعب مفتوحة لأن يظهر كل فريق مهاراته ويسعد جماهيره بما يقدمه من عروض وما يحرزه من أهداف.. هذه هي الكرة كما نعرف.
لكن أن ينقلب اللعب إلى بلطجة من طرف هذا أو من جانب ذاك.. فلا وألف لا. الآن لا يشك عاقل في وجود يد خفية لها أغراضها القذرة في الإفساد بين الشقيقتين.. والإعلام ينفخ في الرماد لإشعال فتنة لا يعرف إلى أين تتجه إلا الله.
فيا لفرحة إسرائيل بما يحدث الآن ؟
إن أجهزتها الإستخبارية لو أنفقت الملايين من الدولارات للإفساد بين شعبين في حجم مصر والجزائر.. فلن تفعل أكثر مما فعلته هذه المباريات المشئومة من تردي للعلاقات بين البلدين.
أما آن للعقلاء في الأمة من علمائها ومفكريها ومثقفيها وذوى الرأي أن يخرجوا عن صمتهم.. ويتكلموا بما يحفظ للأمة ما تبقى لها من انتماء إلى دينها ولغتها وتاريخها.. ولا يسمحوا لطغيان لعبة على مصير أمة بأسرها.
وكما قال الدكتور/ يوسف القرضاوي: "لقد طغت عبقرية القدم على عبقرية القلم"
أفيقوا .. أفيقوا يا قومنا