د . محمد البرادعي
الدستور المصرى يفتقد الشرعية ولن اترشح للرئاسة قبل تعديله
صحيفة "المصري اليوم" - القاهرة :
في أول تعقيب له على ردود الأفعال المتباينة التي صدرت بعد بيانه الأخير المثير للجدل والذي ألمح خلاله عن نيته الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إقامتها في 2011 إذا تحققت شروطا معينة،
اعتبر الدكتور محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن مسألة الرئاسة ليست شخصية، وإنما تتعلق بمصير الوطن، مؤكداً أن ما يسعى إليه فى إطار شرعى هو أن تصبح مصر دولة ديمقراطية تقوم على الحداثة والاعتدال وإعلاء شأن العلم والممارسة السياسية والديمقراطية.
وكان بيان البرادعي قد قوبل بهجوم عنيف شارك فيه إعلاميون ومسئولون ومعارضون، بينما رحب آخرون بالبيان واعتبروه "طوق نجاة" للخروج من حالة الركود السياسي التي تخيم على مصر منذ سنوات.
وقال البرادعي في اتصال هاتفي مع صحيفة "المصري اليوم" من فيينا: "إن الدستور المصرى يفتقد الشرعية الدستورية، بسبب حرمان أغلبية المواطنين من الترشح، مشيرا إلى وجود فارق كبير بين الجانب القانونى المتوفر للدستور، والجانب الشرعى".
ورفض البرادعي مجددا خوض الانتخابات دون تعديل الدستور الذى يحرم الشعب من اختيار من يمثله دون عوائق، مؤكداً استعداده للتحرك السلمى المنظم لتغيير الدستور.
وحول موقفه من الترشح فى حالة عدم تحقق الضوابط التى وضعها للترشح، قال البرادعى: "المسألة ليست موقفى الشخصى، فالتغيير لابد أن يتم بإرادة شعبية جماعية فى إطار سلمى ومتحضر، وأنا مستعد للتحرك السلمى المنظم لتغيير الدستور، وإذا استطاع الشعب أن يغير الدستور سأكون فى خدمته، وإذا لم نستطع إحداث التغيير سأستمر فى خدمة وطنى فى أى موقع كإنسان مصرى".
ووصف البرادعى منصب الرئيس بأنه أداة للإصلاح، وقال: "لن ألعب (تمثيلية) وإذا لم ننجح فسأظل أتبنى ذات المواقف حتى أموت".
وأضاف: "أحترم الأحزاب، لكننى رجل مستقل ولا أستطيع خوض الانتخابات إلا كمستقل"، مشيراً إلى أنه رجل قانون، والقانون لا يدخل منافسة أو عملية سياسية فى إطار يفتقد الشرعية، موضحاً: «ثمة فارق كبير بين الجانب القانونى المتوفر للدستور، والجانب الشرعى،
كما وصف البرادعي التجربة الحزبية فى مصر بأنها تعانى خللاً واضحاً، مندهشاً من إصرار البعض على وجود منافسة حزبية، فى ظل سيطرة الحزب الحاكم على لجنة الأحزاب.
وأوضح البرادعى أن مصر لديها فرصة كبيرة لتحقيق، صيغة الدولة الحديثة. وأضاف: "لو تحركت مصر إلى الأمام سيتحرك معها الوطن العربى كله، مصر هى المركز حتى اليوم، وفى زيارات عديدة لدول عربية كنت أوجه نفس الكلام. يقولون لنا إن مصر حين تراجعت تراجعنا معها، ولن نتقدم إلا إذا تقدمت مصر وتحركت نحو الحداثة والديمقراطية والعلم".
وحول ما تردد عن جنسيته السويدية، قال البرادعى: "للمرة الألف أقول إننى لا أحمل سوى الجنسية المصرية، لا أحمل أى جنسية أخرى، كيف يختلق البعض هذه المزاعم، إننى أطلب منهم الحد الأدنى من الأمانة والمصداقية، والحد الأدنى من الأخلاق".
واختتم البرادعى حديثه بتأكيده أنه لا يحمل سوى حلم مواطن مصرى بمستقبل أفضل، وأنه على استعداد لخدمة الشعب بصرف النظر عن المناصب، وأكد أنه لن يحضر إلى القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة، كما تردد فى بعض الصحف، مشيراً إلى أنه سيحضر ـ غالباً ـ فى منتصف يناير المقبل.
وكان البرادعي قد وضع عدة شروط لضمان نزاهة العملية الانتخابية ، اهمها أن يكون هناك "إشراف قضائى كامل، ورقابة دولية من الأمم المتحدة، وإنشاء لجنة مستقلة ومحايدة تشرف على العملية الانتخابية، ووضع دستور جديد يكفل الحريات وحقوق الإنسان".
وهى مطالب تطابق دعوات لقوى وطنية مختلفة منذ التعديلات الدستورية التى أجريت فى 2005 ثم فى 2007 لإعادة صياغة الدستور معتبرين الدستور فى شكله الأخير "يجعل شروط الترشح للرئاسة تنطبق على الرئيس مبارك أو نجله فقط وتعيق نزاهة الانتخابات".ووصف الفقهاء الدستوريون حينها التعديل بأنه "عوار دستورى".
وتعرض البرادعي بسبب هذا البيان لما يمكن وصفه بـ "حملة منظمة" عقب اعلانه نيته الترشح لمنصب الرئاسة في مصر، من الصحف المصرية الحكومية، وقنوات فضائية محسوبة على رجال اعمال مقربين من الحزب الوطني الحاكم.
وجاءت ردود الأفعال على هيئة مقالات تهاجم البرادعي، وتوجه إليه اتهامات عديدة منها أن له جنسية سويدية، وهو ما نفاه، وأنه تآمر لضرب العراق، وأنه يشبه الرئيس الأفغاني كرزاي، كما ردت الصحف المستقلة والحزبية بهجوم مضاد على النظام والصحف الحكومية.