في استقبال الضيوف في تلك المناطق.
وبصعوبة بالغة هدئت الجموع المحتشدة لسماع كلمة الأمير؛ التي بدأها مرحبا بنا، ومؤكدا على رغبتهم في الإسلام واقتناعهم به ، وراصدا لنا قائمة من الطلبات والاحتياجات لأهالي القرية، آملا منا مساعدته في توفيرها، ومكررا بشكل ملفت للنظر مطالبته لنا بمساعدته على أداء فريضة الحج.
بعدها، وفي مشهد يبشر بأن الفجر قادم لا محالة .. الجموع الحاضرة تعلن الشهادتين
وتعلن قرية أغوديكا ميلادها الجديد ،خاضعة لخالقها الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد عائدةإليه، تائبة منيبة مستسلمة.. فالحمدلله الذي هداهم.
ما إن انتهت لحظات نطق الشهادتين حتى علت أصوات الجميع بالتكبير، وارتجت القرية في صوت واحد تردد: الله اكبر .. الله اكبر .. الله اكبر .
ثم ألقيت الكلمات من الوفد المشارك في القافلة،
ووزعت المواد الغذائية والمياه والأباريق والفوانيس والحصر على الحاضرين، بعد أن قدمت هدية خاصة للأمير قبلها مسرورا وشاكرا.
توجهنا بعدها إلى بيت الأمير- المبني من الطين والمسقوف بفروع وأوراق الأشجار- وكان ضمن مجموعة بيوت مماثلة بينها ساحة مربعة صغيرة وكل البيوت تفتح على هذه الساحة.
كان للبيت بابا خشبيا .. وإلى جوار الباب كان هناك قطعة من الحديد وأمامها قطعة من الحجر الترابي موضوعة بداخل إطار معدني هو عبارة عن إطار قدر متهالك لم يتبق سواها من القدر، وقد ارتكز بجوارهما عود من الخشب - مستندا إلى جدار البيت- وهو عبارة عن فرع تم قطعه من إحدى الأشجار،كان هناك بقايا صفار وبياض البيض وريش طيور .. لقد كان هذا الشيء المجمع من أشياء لا قيمة لها هو الصنم الذي يعبده الأمير وأهل القرية .
وبحمد الله ،وفي دلالة كبيرة وصادقة على اقتناع الأمير بالدين الحق ، دين الإسلام .. قام الأمير بتحطيم الصنم بيديه وجعله جذاذا بعد أن أهوى عليه بقطعة ضخمة من الحطب، فتحطم الصنم وتهاوى معه عهد من ظلام الكفر والشرك، مؤذنا بميلاد قرية أغوديكا الجديد، وفاتحا صفحة جديدة في حياة القرية، ترسم خطواتها كلمة التوحيد، وينير دربها كتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم.
تزامن وقت انتهائنا من كل هذا مع وقت صلاة الظهر ..فبحثنا عن مكان لأداء الصلاة ..فوجدنا مدرسة مبنية خارج القرية وأمامها ساحة كبيرة وفي وسطها شجرة تلقي بظلالها الممزقة على جنبات الساحة وكان بجوارها بئر بنته منظمة (بلان انترنشيونال ) ذات الأهداف التنصيرية ،والتي بنت المدرسة أيضا.
فتحركنا باتجاه المدرسة وتبعتنا الجموع الغفيرة من أهل القرية في مشهد مهيب يبعث السرور في قلوب المؤمنين
وما إن وصلنا حتى امتلأت الأباريق والصحون بالمياه، وتفرق الناس زرافات ووحدانا يتوضؤن لأول مرة في حياتهم، فيغسلون عن أيديهم ووجوههم غبرات الكفر، يعلمهم الدعاة المصاحبون للقافلة كيفية الوضوء . وأثناء ذلك ؛شق نداء: الله أكبر سماء المنطقة ،ليحق الحق ويزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
ثم أقيمت الصلاة ورصت الصفوف على الحصر والتراب ،مستظلة بظل الشجرة الذي خرقته أشعة الشمس من كل جانب .
وأديت في القرية أول صلاة ..وردد في جنباتها صوت الحق .. الله أكبر .
أول صلاة في القرية
لقطات من وسط الأحداث
· استقبال أهل القرية
الاستقبال الحافل لأهل القرية لوفد القافلة أشعرنا بتقصيرنا
وعدم بذل ما يكفي من الجهد لإيصال الدعوة إلى هؤلاء
وغيرهم ممن يعيش في الأدغال .
.لقد شعرنا وكأنهم ينتظروننا منذ زمن .. وبالفعل لقد كانوا ينتظرون ... ولازال هناك الكثير غيرهم ينتظرون.. فهل ياترى سيطول انتظارهم ؟؟؟ سؤال يجيب عليه المنفقون في سبيل الله
كيف أسلم الأمير
كلمات الأمير التي قالها فور نزولنا من السيارة ستظل
تتردد في قلوبنا وعقولنا ملقية عبئا ثقيلا على كواهلنا..
ألا وهو عبء تبليغ الرسالة لأهل هذه المناطق البعيدة
التي ترزح تحت وطأة الكفر والشرك والجهل.
أترككم مع كلمات الأمير :
(( كنت أحب الإسلام والمسلمين ،ولكني كنت مترددا ولست متأكدا ؛ لكن الآن وقد جئتم( يقصد العرب ) فإني أشهدكم أني آمنت بالله وحده ، وهلموا معي إلى بيتي لتحطيم الصنم الذي أعبده ))
· تحطيم الصنم
لم تمر علينا لحظات تحطيم الصنم مرور الكرام ..
هل هذا يستحق أن يكون إله يعبد
فقد استوقفتنا تلك اللحظات طويلا ، وكانت مثار نقاش
بيننا في طريق العودة.إنها شاهد على عظمة هذا الدين .
فأي قوة تلك التي تجعل الإنسان بمجرد إعلانه الشهادتين ..تنقلب موازينه ومشاعره ويتبدل قلبه .. فتجعله ينقلب على إلهه الذي عبده سنين طوال فيحطمه في غمضة عين..!!
لقد أجابنا الأمير على ذلك ..دون أن يشعر!
فقد كان يردد حين تحطيم الصنم .. الله أكبر ..الله أكبر .. الله أكبر..
· خذوا ولدي !!
موقف آخر من هذا الأمير- الذي نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق- جعلنا ننظر إليه بنظرة إجلال وإكبار ..
فقد كان يطلب منا ونحن في طريق العودة من بيته بعد تحطيم الصنم طلبا أسعدنا كثيرا وكشف لنا حقيقة هذا الرجل وصدق تمكن الإسلام في قلبه والله حسيبه ..
لقد قال :
(( خذوا ولدي إلى حيث شئتم .. علموه ..واجعلوا منه داعية .لا تعيدوه إلا وقد تعلم الإسلام ليأتي ويعلم أبناء القرية))
أترك للقارئ الكريم استنباط ما يشاء من معاني .!!
· خروج الناس أفواجا