عندما نُجبر أجسامنا على تحمل أشياء لا تتلاءم مع طبيعتها، ينتهي بها الأمر إلى الانتقام بطريقة ما. واليوم، تعم الفوضى عاداتنا الغذائية، ومواعيد نومنا. وترانا نجهد لحشر ساعة أو ساعتين من الرياضة في برنامج عملنا الأسبوعي الحافل، من دون أن تكون بالضرورة في الأوقات الصحيحة.
أما النتيجة فتكون: زيادة في الوزن يصعب علينا التخلص منها. وهذا طبيعي، فللجسم إيقاعات بيولوجية متعددة يتوجب علينا احترامها.
وهناك علم خاص لدراسة هذه الإيقاعات البيولوجية، يدرس التقلبات الهرمونية المختلفة، وإيقاعات النوم، والهضم والتيقظ وغيرها. وهو يحدد الأوقات التي تكون فيها الوظائف الجسدية والذهنية في أوجها.
- حمية غذائية تحترم إيقاعات الجسم البيولوجية: عندما نوفر للجسم الأطعمة المناسبة في الوقت المناسب خلال النهار، يمكننا أن نتخلص من وزننا الزائد من دون الإحساس بالحرمان، وذلك لأن الأنزيمات المسؤولة عن هضم الأطعمة،
تعمل هي أيضاً على إيقاعها الخاص، مثلها مثل الهرمونات المسؤولة عن تخزين أو تصريف الدهون الموجودة في الخلايا الدهنية. وانطلاقاً من ذلك، نفهم لماذا يسهل التزامنا، قدر الإمكان، بالدورات الطبيعية لهذه الهرمونات، عملية التخلص من الوزن الزائد.
وتقوم حمية اليوم على مبدأ احترام الإيقاعات البيولوجية للجسم. وباتّباعها يمكننا أن نتناول تقريباً كل الأطعمة المعتادة، ولكن في الساعات التي تضمن هضمها بشكل جيد.
وتحُول دون تخزين الدهون في الجسم.
وتطبق هذه الحمية نصيحة: تناول إفطارك مع الملك، وغداءك مع الوزير وعشاءك مع الفقير. فهذه نصيحة حكيمة جداً لأن الجسم في الصباح، أي بعد ساعات طويلة من الامتناع عن الطعام، يكون في حاجة ماسة إلى الطاقة.
غير أن الأمر لا يتعلق فقط بكمية الطعام التي نقدمها له. فنوعية هذا الطعام وقيمته الغذائية أهم من كميته.
كذلك فإن الموعد الذي نتناول فيه طعامنا يلعب دوراً أساسياً في الاستفادة مما نأكل. فقطعة البسكويت نفسها التي نأكلها، يهضمها الجسم ويستخدمها بشكل مختلف حسب الساعة التي نأكلها فيها.
ولاحترام حاجات الجسم بأفضل شكل، يجب التعرف إلى الأنزيمات المسؤولة عن هضم البروتينات والدهون والسكريات، التي تختلف كمياتها بشكل دوري.
* الدهون، الأفضل تناولها صباحاً: في الصباح تكون الأنزيمات المسؤولة عن هضم الدهون ناشطة وفاعلة، ما يسمح للجسم بامتصاص الدهون وهضمها، مستفيداً من الطاقة الكبيرة التي توفرها.
والجسم في تلك الفترة من النهار يضطر إلى حرق هذه الدهون ليستخدمها كوقود يحتاج إليه لأداء وظائفه، أي أنه لا يخزنها. من هنا أهمية تناول وجبة إفطار كاملة تحتوي على دهون صحية.
فضلاً عن ذلك فإن هذه الأخيرة تحول دون حدوث انخفاض شديد في مستويات سكر الدم، ما يؤدي إلى الإحساس بالجوع الشديد في فترة ما قبل الظهر، ما يحث بدوره على تناول الأطعمة غير الصحية قبل موعد الغداء، أو الإفراط في الأكل في تلك الوجبة.
من جهة ثانية يجب تلافي تناول وجبة إفطار غنية بالسكر (رقائق حبوب مقشورة ومحلاة بالسكر، خبز أبيض ومربَّى فواكه، عصير فواكه من الأنواع التجارية..) فهي تؤدي إلى ارتفاع كبير في مستويات سكر الدم بعد تناولها، يليه انخفاض سريع وحاد، يؤدي إلى الإحساس بالجوع الشديد قبل انقضاء فترة قبل الظهر.
* البروتينات والكربوهيدرات، الأفضل تناولها ظهراً: تنشط ظهراً الأنزيمات المسؤولة عن أيض البروتينات والكربوهيدرات، ما يعني أنه في إمكاننا أن نتناول وجبة غداء تحتوي على لحوم وكربوهيدرات بطيئة الهضم، ذات مؤشر تحلون منخفض، ولتفادي الإرهاق والتوتر والاكتئاب، يُستحسن تناول وجبة خفيفة عصراً، تساعد على التخفيف من حدة الجوع مع بلوغ موعد العشاء. وبما أن إفراز العصارات الهضمية يتراجع إلى أدنى مستوياته مساء، سيكون من الصعب على الجسم هضم أية وجبة عشاء دسمة، ويكون من الأسهل عليه تخزينها على شكل دهون،
لذلك من الضروري أن تكون وجبة العشاء خفيفة. - المواعيد الأمثل لتناول الوجبات اليومية:
* وجبة الإفطار: ما بين الساعة السابعة والثامنة والنصف. نموذج عن المحتويات: شاي أو قهوة أو نقيع أعشاب ساخن من دون سكر، ثمرة فاكهة طازجة، خبز قمح كامل أو حبوب كاملة، جبن، أو لبن، أو بيضة، أو مرتديلا، أو سمك سالمون مدخن، أو صدر دجاج.
* وجبة الغداء: ما بين الساعة الثانية عشرة والواحدة بعد الظهر. نموذج عن المحتويات: حصة من اللحوم (من دون صلصة)، معكرونة قمح كامل أو أرز بني، أو بقوليات مثل الحمص والعدس، خضار خضراء نيئة أو مطبوخة، لبن، فاكهة.
* وجبة خفيفة: ما بين الساعة الخامسة والخامسة والنصف بعد الظهر نموذج عن المحتويات: ثمرة فاكهة، مشروب ساخن من دون سكر، القليل من الشوكولاتة السوداء أو حفنة من الفواكه المجففة.
* العشاء: ما بين الساعة الثامنة والثامنة والنصف مساء. نموذج عن المحتويات: خضار نيئة أو مطبوخة (من دون خضار نشوية مثل البطاطا والذرة) وحصة من السمك أو لحم الدواجن خفيف الدهون، لبن أو فاكهة.
- النوم ومكافحة السمنة: عندما ننام في وقت متأخر، وبشكل سيئ، من الطبيعي أن نستيقظ متعَبين. وليس من المستغرب أن يؤدي ذلك مع الوقت إلى زيادة في أوزاننا. فالعلاقة الوثيقة بين النوم والوزن أصبحت مؤكدة علميا.
إذ تبيَّن أن الافتقار إلى النوم يسهم في تراكم الكيلوغرامات الزائدة في أوزاننا ويزيد من مؤشر كتلة الجسم.
والواقع أن الكثير من العلماء في الولايات المتحدة يعزون، جزئياً، ظاهرة انتشار البدانة إلى تناقض ساعات النوم.
والحال أن الناس في معظم مدن العالم اليوم، وليس فقط في الولايات المتحدة، ينامون يومياً ساعتين تقريباً أقل مما كان يفعل أجدادهم.
وهنا أيضاً تلعب الهرمونات دوراً رئيسياً في زيادة الوزن المرتبطة بالنوم. فالافتقار إلى النوم يقوي تأثير هرمون الغريلين، الذي يحفز الشهية ويعزز عملية تخزين الدهون في الجسم، ما يؤدي بالطبع إلى زيادة في الوزن.
من جهة ثانية فإن النوم لفترة قصيرة ليلاً يخفف من إفراز هرمون ليبتين، وهو الهرمون المسؤول عن الإحساس بالشبع. وعلى مستوى آخر، فإن الإرهاق الذي نشعر به بسبب افتقارنا إلى النوم، يدفعنا إلى التقليل من الأنشطة البدنية التي نقوم بها خلال النهار، وإلى قضم الطعام المتواصل بحثاً عن الطاقة التي نفتقر إليها.
وإذا أصبح الافتقار إلى النوم أمراً متكرراً، تكون النتيجة الحتمية زحف الكيلوغرامات الزائدة واستقرارها في أجسامنا.
- الرياضة: اختلاف فاعليتها باختلاف وقت ممارستها. من البديهي أنه لا يمكن لأية حمية خاصة بتخفيف الوزن أن تنجح، من دون ممارسة الرياضة.
فهذه الأخيرة لا ترفع نسبة الطاقة، التي يحرقها الجسم أثناء الممارسة نفسها فحسب، بل تلك التي يحرقها أثناء الراحة أيضاً. كذلك فإنها تساعد على التحكم في الشهية وتفادي الإفراط في الأكل.
ولكن هناك ساعات تكون ممارسة الرياضة خلالها أكثر فاعلية، وأخرى تكون فيها أقل فاعلية، لأن الجسم لا يكون مبرمجاً خلالها لاستخدام مخزون الدهون لديه، فيشكل ما يشبه المقاومة لتأثير الرياضة، فنركض ونتعرق من دون أي تأثير في وزننا.
وأفضل الأوقات لممارسة الرياضة هي صباحاً بين السابعة والثامنة، وقبل الغداء، وبين الساعة السادسة والسابعة مساء. ففي هذه الأوقات تكون الخلايا الدهنية مستعدة لإطلاق دهونها المخزونة. أما الأوقات التي يجب أن نتلافى فيها ممارسة الرياضة، فهي بعد تناول الوجبات. فالأنسولين الذي يتم إفرازه لهضم السكريات ينشّط أنزيماً يوقف تماماً عملية إطلاق الخلايا الدهنية دهونها. فيكون الجسم خلال هذه الفترة ثابتاً في مرحلة التخزين. كذلك فإنه من غير المناسب أيضاً ممارسة الرياضة في ساعة متأخرة مساء. أولاً لأن الجسم يكون عندها أيضاً في مرحلة لا يحرق خلالها الدهون، وثانياً لأن ممارسة الرياضة ترفع من حرارة الجسم، ما يؤثر سلباً في النوم. وكقاعدة عامة، يمكن ممارسة الرياضة قبل الأكل، أو بعد وقت طويل على تناول الوجب
منقوووووووووووووول طبعا