عندما لا يجيب القدر(حدث معين) لتوقعاتنا، فهذا يسمح لنا بتقييم مشاعرنا و تصرفاتنا.
عندما نشعر بأن شخص معين ظلمنا و أخطأ في حقنا، فهذه فرصة لتقييم ردة فعلنا.
سواء كانت منا أو من غيرنا، كل هفوة تمثل وسيلة للتقدم في طريق الحكمة.
عندما نكف عن رؤية تقلبات الحياة – خيبات الأمل، الأحزان، الأمراض و كل المآسي التي تهددنا – كحواجز و عقبات،
عندها فقط ستغمرنا قوة جديدة لا توصف.
يمكننا أخذ الحياة بصدر رحب و رفع التحديات التي تواجهنا، بدلا من الشعور أننا مذلولين، مهزومين أو تجاوزتنا الأحداث.
في هذا الصدد أحببت كثيرا، قصة شرقية وهي تقريبا كما يلي:
"في أحد الأيام، في المغرب، كانت هناك فتاة شابة، وكان أبوها غزّال(يصنع الغزل).
تجارة الأب أصبحت مزدهرة، فقرر القيام برحلة حول البحر الأبيض المتوسط من أجل بيع الغزل الذي كان يصنعه، (يبيعه في الخارج).
فأخذ ابنته معه، و أخبرها بأنها تستطيع أن تستغل هذه الفرصة لإيجاد الزوج الصالح.
لكن الذي حدث لم يكن في الحسبان، عاصفة شديدة تسببت في غرق القارب و موت الأب و رمي الفتاة على الشاطئ.
متعَبة، جائعة، بالكاد تتذكر ماضيها، استقبلتها أخيرا عائلة، كانت عائلة نسّاجين(حائكين)، عاشت معهم مدة من الوقت فتعلمت هناك صنع النسيج، و وجدت نفسها شيئا فشيئا سعيدة بذلك.
و في يوم من الأيام، و بينما كانت تتنزه على الشاطئ، تم اختطافها من طرف تجّار للعبيد، أخذوها إلى تركيا و قاموا ببيعها في سوق إسطنبول. حيث أن رجلا أتى إلى ذلك السوق من أجل شراء عبيد قادرين على مساعدته في صنع ساريات السفن (صاري السفينة)، فرأى الفتاة المسكينة فرأف لحالتها فاصطحبها معه إلى بيته لتكون خادمة لزوجته.
لكن مجموعة من القراصنة قاموا بنهب البضائع التي حصل عليها حديثا و لم يعد لديه المال لشراء عبيد آخرين.
فلم يكن لديه حل سوى مواصلة صنع ساريات السفن بمساعدة زوجته و الفتاة الشابة.هذه الأخيرة التي عملت بجد و بضمير، ما جعل سيدها يقرر أن يعتقها و يتخذها شريكة له، و قد غمرها ذلك بالفرح و السرور.
ذات يوم، عينت لمرافقة حمولة ساريات سفن باتجاه جافا.
فأبحرت، لكن قبالة الصين، إعصار قوي قام بتدمير السفينة. و الفتاة يقذفها البحر من جديد في شاطئ مجهول. و من جديد تنطلق لقدرها و هي تقول:"لماذا يجب أن يحدث لي كل هذا؟"لكنها لا تجد الجواب.
تعبر الشاطئ و تبدأ بالسير للمغامرة.
'رواية صينية قديمة تحكي أن امرأة أجنبية قدِمت، و قامت بصنع خيمة للإمبراطور.'
لا أحد في الصين في ذلك الوقت كان يعرف طريقة صنع خيمة. و كانت الأجيال المتعاقبة تتساءل عن ذلك التنبؤ(أي الرواية القديمة التي تنبأت بقدوم امرأة أجنبية و صناعتها لخيمة).
و ذات يوم، قام الإمبراطور بإرسال مبعوثين في كل أنحاء الوطن من أجل أن يُحضروا إلى القصر كل النساء الشابات الأجنبيات.
في تلك السنة، المبعوثون وجدوا الفتاة وأخذوها إلى الإمبراطور.
مترجم للإمبراطور طلب منها إن كانت تعرف طريقة صنع خيمة. "أعتقد نعم"تجيب الفتاة الشابة.
فطلبت منهم حبلا، لكن الصينيين لم يكونوا يملكوه.
فتذكرت طفولتها و مهنة أبيها، فطلبت منهم حريرا و قامت بصنع (غزل)حبل متين.
ثم طلبت قماش سميك، لكن الصينيين لم يكونوا يملكوه.
فتذكرت حياتها في وسط النسّاجين، فقامت بنسج قماش سميك و هذا ما كانت بحاجة إليه.
ثم بعد ذلك طلبت أوتاد خشبية، لكن الصينيين لم يكونوا يملكوها.
فتذكرت حياتها مع صانع الساريات، و قامت بصنع أوتاد للخيمة.
بعد ذلك، حاولت كل ما بوسعها أن تتذكر كيف كانت الخيام التي شاهدتها في حياتها.
و قامت بصنع و رفع الخيمة.
الإمبراطور و الذي كان جد معجب و مسرور لأن التنبؤ القديم قد تحقق، منح للفتاة أن تحقق كل أمنياتها.
تزوجت الفتاة أميرا رائعا و بقيت في الصين، أين عاشت حياة طويلة و سعيدة محاطة بأطفال كثيرين".
نعم لقد فهمت الفتاة أخيرا أن كل تلك الأحداث المأساوية التي عاشتها كان لها معنى، و أنها أسهمت في الأخير في سعادتها.
الفتاة الشابة من الأسطورة، تمكنت من اكتشاف معنى حياتها المضطربة.
لقد كانت موجودة و دقيقة مع الموعد الكبير الذي كانت تخبؤه لها تلك الأحداث المتتالية.
ليس من السهل لنا دائما تحديد الأشياء و رؤيتها من خلال منظور شامل، رغم أنها الطريقة الوحيدة لنفهم و نعرف ما تحمله لنا من جوانب جيدة.
و إلا سنحكم على أنفسنا برؤية محدودة جدا، و سنبقى غير قادرين على تحويل ظروف الحياة إلى فرص للتعلم و التقدم نحو الأمام.