نائب حكومى فرز أول
بقلم جلال عامر
الدنيا ريشة فى هوا.. طايره من غير لواءين.. واللواء فى «الخدمة» أحب وأقرب إلى نفسى من اللواء فى «المعاش»، فالأول قد يعذب فرداً فى «المديريات» لكن الثانى قد يعذب شعباً فى «الفضائيات»، وبعض السادة لواءات الشرطة الذين يحالون إلى «المعاش» ثم يحالون إلى «البرلمان» ثم يحالون إلى «الفضائيات» ثم يحالون «علينا» لا توجد جهة نشكوهم إليها،
فالناس زهقت منهم، واسألوا «نبض» الشارع واسمعوا «شخير» الجماهير، فنحن فينا المريض والمعاق وذو الحاجة، وبعضنا يحتاج أن ينام ساعتين بعد الضهر وهؤلاء لا يرحمون، تقفل التليفزيون يطلع لك فى الراديو تقفل الراديو ينط لك فى فرن البوتاجاز، ويصمم أن يوصل إليك رسالة من الوالى بأننا شعب تعبان، وأن الرئيس مبارك خسارة فينا..
انتقلنا من زمن «عميد الأدب» إلى زمن «لواء قلة الأدب» والفضل للفضائيات التى لا تستضيف إلا نائباً حكومياً فرز أول، أو نائباً معارضاً فرز ثانى ممن يؤمنون أيضاً بأن الرئيس مبارك ليس مسؤولاً، وأن المسؤولية تنحصر بين الوزير حمدى وحمدى الوزير..
فاللواء ليس أصل البلاء لكن الطبع يغلب التطبع، فكل ما أعمل تحليل دم يرفض المعمل أن يسلمنى النتيجة إلا بعد أن أعطيه «الحلاوة» لأن صاحب المعمل كان «فراش» فى مدرسة فالعلم نور والجهل عار، وفى مصر إذا قالت المعزة «ماء» نعتبرها من دول حوض النيل..
وقد حدثتكم عن قريبى لواء الشرطة الذى أحالوه إلى المعاش ثم عينوه مدير شركة سبت وأحد، ورئيس حى اثنين وثلاثاء، ومستشار وزير أربع وخميس ويوم الجمعة نائب فى البرلمان، وكنا نقول له فى أيام الشركة يا «أستاذ» وفى أيام الحى يا «باشا» وفى أيام المستشار يا «أفندم» ويوم الجمعة يا «حاج»
وكان كل ما يقابلنى على السلم يسألنى (إنت كنت فين ليلة الحادث؟) فأرد عليه (ليلة الحادث ماجنيش نوم واحنا لسه فى أول يوم)، وأخيراً تجرأت عليه وسألته (حضرتك بقى كنت فين ليلة الحادث؟) فأجاب ببرود (كنت بأصور فى الفضائيات والمذيع مستعد يشهد معايا).. هو والمذيع والشيطان ثالثهما.