تحلم كل فتاة باليوم الذي تزف فيه إلى زوجها .... تتقدم العروس على مهل بالثوب الأبيض ، ويكسو وجهها الإحمرار والكل تتعلق عيونهم بها ، ما أجملها كأنها ملاك يمشي على الأرض والزهور تلقى حولها ........
تطأ بقدميها القاعة والكل يزغرد ويصفق قد جاءت الملكة صاحبة العرش في هذا المكان وفي ذلك الوقت بالذات، الكل فرح بها .
والأب سيد في الموقف، الفرح في عينيه والدموع تتساقط منهما ...ها هي ابنتي كبرت وصارت عروسا ، وأنا أسلمها بيدي لمن يكمل المشوار معها ، آه الحمد لله لقد تمت المهمة على خير وأديت مهمتي تجاه ابنتي ...
أما أمها فهي تزغرد ساعة ، وتضحك ساعة ، وتبكي ساعة، والكل يقبلها ويهنئها ، ها هي ابنتي التي كانت تحبو حولي أصبحت عروسا اليوم، لقد كان حلما فأصبح حقيقة ، الحمد لله الذي أعطاني العمر حتى أكملت المشوار ، وبعد عدة ساعات زفت العروس لزوجها ورحلا الى بيتهما ، حتى تبدأ رحلة جديدة في حياة كل منهما .
بعد عدة أسابيع ترفع الأم السماعة لتطمئن على ابنتها ، فإذا بها تجدها تبكي بصوت عال ، ولا تستطيع حتى أن تفسر كلامها من بين دموعها ، اضطرب قلب الأم فسارعت بارتداء ملابسها وأسرعت لبيت ابنتها واصطحبت معها زوجا ليطمئن علي ابنته .
عندما دقت جرس الباب فتحت العروس الباب وارتمت في أحضانهما ، وأخذت تشتكي لهما سوء معاملة زوجها لها فقد صرخ في وجهها قئلا " لا لست أبيك يا هانم فأنا زوجك " ثم رحل !!
ماذا حدث ؟؟؟ ماذا حدث ؟؟؟؟ نطق بها الأم والأب في صوت واحد .
بدأت الابنة تحكي ، وهي في غاية الدهشة والتعجب....
"في البداية كان يطلب مني تحضير الطعام ، فكنت أتأخر في إعداده لعدم معرفتي وتدريبي علي ذلك في بيت أبي، وفي بعض الأحيان كان الطعام يحترق أو يزيد ملحه أو يكون بلا طعم أو نكهة، فينبهني إلي الإتقان وإحسان صنع الطعام ".
"أبي"... نادته الإبنة مندهشة ...." ألم أكن أتأخر عليك في إعداد الطعام ، كنت أعد لك صنفا وتأكله وأنت تضحك وتقول " ما أجمله بس ده إيه ده " كنت تطلب مني إعداد الفطور أو العشاء ، فأطيل الحديث في الهااتف ، وأنسى ما طلبت مني ، فتأتيني وتربت على كتفي وتقول لي يالا يا حبيبتي أسرعي فلدي موعد ...
ماذا فعلت حتى استحق كل ذلك ، نظر الأب الى الأم ، فالتفتت امها إليها وقالت وإيه تاني ؟
قالت الإبنة وهي تمسح دموعها ، في اليوم الثاني لزواجنا أعطاني زوجي مبلغا من المال ، وقال : "هذا هو المصروف حتى آخر الشهر وريني شطارتك بقى ".
فاشتريت كما كنت اشتري في بيتنا وفوجئت أن المصروف لم يكمل سوى اسبوعين فقط وأوشك على الإنتهاء ، وعندما أخبرته بذلك ، ثار في وجهي وقال لي إن دخله ليس كدخل أبي ولابد أن أتعود على الحياة الجديدة !!!!! ولكن كيف ...... ولي احتياجات كثيرة لم أعتد الإستغناء عنها ، كما أني لم أعرف من قبل ما هو هذا الذي يسمي"مصروف البيت" وكيف يتم تقسيمه أو انفاقه علي مدار شهر كامل !!!!
ثم أخذت تبكي وقالت : لا ليس هذا ماحلمت به ولا ما أردته ، أبي أفضل من زوجي، لم أتوقع أن أصبح مسئولة عن الأكل والتنظيف والبيت والطلبات ، بجانب طلبات زوجي التي لا تنقطع طوال مكثه في المنزل ، شاي وقهوة وطعام ، حلويات ، مشروبات باردة ،.................. لقد سئمت هذه الحياة خذيني معك يا أمي لا تتركيني هنا ، فهذا سجن وزوجي سجان ....
بهذه الكلمات أنهت العروس ذات الفستان الأبيض كلماتها ، وأصبحت لا تري بيتها سوي سجن ، وزوجها سجان ..
فهذه مشكلة تدق الأبواب كل يوم تزف فيه عروس لزوجها ، ندعوا جميعا أن يثبت الله أقدامهم ويملأ بيتهم مودة ورحمة ؛ فلم يصبح الزواج هو المشكلة ؛ بل استمرار الزواج واستقراره هو القضية الأخطر اليوم .....
فكثيرا ما تربي ابنة اليوم في بيت أبيها على أنها الابنة المدللة دائما مهما تقدم بها العمر ، الأب ينجذب لابنته لرقتها وجمالها وتعلقها به، ولأن طبيعة البنت دائما تحب الأب اكثر من الأم ، كما أنه هو بدوره ونظرا لقلة وجوده في المنزل وعدم الاحتكاك بالإبنة إلا لوقت قصير ، فكيف يحول هذا الوقت لنصائح أو لسماع شكوى الأم ، فهو يريد أن يقضي هذه الساعات القليلة في ضحك ومرح وتدليل ابنته ، وقضاء كل طلباتها من غير أن مناقشة !
أما الأم فليس عندها أهم من المذاكرة ، المهم المدرسة والمذاكرة والدروس ثم الجامعة والمذاكرة ، لا شئ غير ذلك تقضي اليوم من بدايته حتى نهايته في خدمة دائمة ومستمرة للأبناء لا يفرحها سوى النتيجة آخر العام .
وفي الصيف فلا فرق يبدو بينه وبين أيام الدراسة، سهر ليلا ونوم نهارا ، وخروج ومصيف ثم فجأة تنتهي العطلة ، ونبدأ مرة أخرى .... حتى يمر العمر عاما بعد عام، والفتاة تكبر وتصبح عروسا، وفجأة تتزوج ثم فجأة تبدأ المشاكل .....
يتهم الأب الأم " كان عليك أن تهتمي بتعليمها شئون المنزل ، وتهيئيها لكي تكون ربة بيت " الأم بدورها ترد الإتهام باتهام مثيل "بل أنت السبب ، كل حياتك معها تدليل فقط ، كم اشتكيت لك ولم تساعدني ودائما الكلمة الأبدية "معلش بكرة تتعلم " ، تعبت من الكلام والصراخ ولا حياة لمن تنادي، ها هو بيت ابنتك يسقط فهي لا تريد زوجها ، ولا بيت زوجها ، تريد أبيها وفقط أبيها وبيت أبيها ، فهل تستمر في تدليلها الآن، وتحقق لها ما تريد" !!