يقول وودرو ويلسون[الرئيس الثامن والعشرون للولايات المتحدة ] :" إذا جئتني وقبضتك منكمشة ،أعدك أن قبضتي ستكون أشد من قبضتك، واذا جئتني تقول :دعنا نجلس ونتناقش،عندئذ نكتشف أن الخلاف بيننا بسيط ، وإن كان لدينا الصبر والنية على الإتفاق فإننا سنتفق".
وفي القصص الخيالية القديمة أن الشمس والرياح قد اختلفتا حول أيهما الأقوى ، فقالت الرياح للشمس : سأبرهن أنني الأقوى ..هل ترين ذلك الرجل الذي يرتدي المعطف؟ أراهن أن باستطاعتي أن أجعله يخلع معطفه أسرع منك ..
وبدأت الرياح تهب ، وكلما اشتدت كلما ازداد الرجل تمسكا بمعطفه..
وأخيرا هدأت الرياح واستسلمت .
ثم خرجت الشمس من وراء الغيوم، وبدأت في ارسال الدفء ، وسرعان ما مسح الرجل جبينه وخلع معطفه ...!
عندئذ قالت الشمس للريح
إن اللطف والصداقة أقوى دائما من العنف والقسوة).
كل هذا ببساطة يجعلنا نكتشف ، بل ونقتنع بمباديء مفيدة للغاية في التعامل مع الإبن والجار والزوج وزملاء العمل والمحيط البشري من حولنا..
ولكن حينما ننزل الى أرض الواقع ونبتعد عن الأماني فإننا نجد سريعا الهوة الواسعة التي تفصل بين مانفعله في تصرفاتنا ، وما نتمنى أن نكون عليه من سمو..
يدرك بعيد النظر منا أن القسوة وجمود التعامل مع الطرف الآخر هي أسهل مايمكن فعله ، إذ أنه ليس صعبا أن تصرخ في وجه من أمامك وتهدده وتجبره على فعل ماتريد .. ولكن الصعوبة الحقيقية والنجاح الفعلي في التعامل مع الناس يكمن في كيفية استيعاب المتناقضات والتعامل مع أنماط البشر المختلفة بود ولين مع الحفاظ على سياج أخلاقي متين في التعامل .
فما أكثر الفتن التي يتعرض لها الإنسان في حياته والتي من ضمنها الإمتحان في أخلاقيات التعامل..
ففي النهاية البشر كلهم متشابهون في النشأة والشكل، ولكن ثمة عقل يفكر، وقلب يشعر ، وادراك يتفاعل..
ومن هنا يكون التفاضل بين الناس..
ما بين صاحب الخلق المتين الذي ترفع عن سيء الفعل فسما، وصاحب الخلق السيء الذي رسب وهوى...
في البيت
اذا دخلنا الى بيوتنا-المحضن الأول لنا في الحياة – لنرى كيف هو التعامل بين أفراد الأسرة فسندرك أن بيوتنا تحتاج الى كثير من الجهد لاكتساب السلوك الأفضل في التعامل.
ومن هنا سأختارك أنتِ-أيتها الزوجة والأمة والأخت والإبنة-..فأنتِ ركن الزاوية و بتعاملك الحسن ؛ يتخلق الأبناء في حياتهم والبنات في بيوتهن ..
وليكن شعارك في بداية طريق الإصلاح:
(مع أننا لانستطيع أن نصحح الماضي ،الا أننا سادة المستقبل).
والآن لنرَ بم ينصحنا علماء النفس ، ومن استفادوا من خبرات البشرية وتجاربها الطويلة:
1- حوار من أجل الحوار
الحوار مع أفراد الأسرة هدف في حد ذاته. فلا ينبغي في كل مرة أن يكون للحوار هدف محدد يجب الوصول إليه. بل الأولوية لتدفق الحديث بينكم ، ولكي يفتح كل فرد قلبه ويتحدث بما في نفسه ، فهذا هدف كبير يقرب ويؤلف بين أفراد الأسرة .
2-أحسني الإنصات إلى من يحدثك
استمعي واتركي من أمامك يتحدث بلا تحفظ ، فلاتحاولي أن تكوني رقيبة على الكلام أو الوقوف عند كل كلمة للتعليق والنقد ؛ فهذا سينفر المتحدث . وكل انسان منا يحتاج إلي شخص يفضي له، فكوني أنت لبيتك هذا الملاذ.
3-حاولي التقليل من انتقاد الآخرين
بدلا من النقد الدائم للآخرين حاولي تفهمهم وحاولي استنتاج لماذا يفعلون ذلك ،فهذا ينفع أكثر من الإنتقاد الذي يأتي كثيرا بنتائج عكسية .
4- ابحثي عن الدوافع
فالسلوك هو ترجمة لدافع داخلي ، وعشرتك مع أفراد أسرتك ستجعلك تعرفين دوافعهم، وهذا يساعد في التعامل معهم بلا صدام.
5-التشجيع ثم التشجيع
يقول " تشارلز شواب" والذي كان يتقاضي مليون دولارا في السنة ، أي أكثر من ثلاثة آلاف دولار في اليوم " قال أنه يتقاضى هذا الراتب بسبب مقدرته على التعامل مع الناس ، و يضيف-كما جاء في كتاب "كيف تتعامل مع الناس لـ "دايل كارينجي" : "أعتبر مقدرتي على اثارة الحماس بين الناس أعظم كنز أمتلكه ، وأن الطريقة المثلى لتنمية أفضل مافي الإنسان : الثناء والتشجيع فليس هناك أي شيء يقتل الطموح مثل انتقاد من هم في مستوى أعلى .وأؤمن بإعطاء الإنسان دافعا للعمل .وبذلك أتوق إلى الامتداح وليس للنفاق من أجل اكتشاف الخطأ فإن أحببت شيئاً أثني عليه من قلبي وامتدحه بسخاء.." .
وتذكري مقولة أحد المدربين : حَرِك في الشخص الآخر رغبة جامحة؛ فمن يقدر على ذلك يمتلك العالم ومن لايقدر يسير الدرب وحيدا..